لقد سمعت كما سمع غيري بقصيدتك التي ضجت بها الأوساط الدينية والإعلامية والفنية والاجتماعية على السواء ... في الآونة الأخيرة.
وحقيقة أني قد حاولت الحصول على نسخة كاملة من هذه القصيدة التي كنت أتوقع أن تتوازى مع روعة الثورة العارمة التي صاحبتها.
ولكني وبعد أن قرأتها عشرات المرات ... أصبت بذهول وتسأول ... وحيرة عما حصل بالضبط ...!
وهل تأثير الإعلام قوي غلا هذا الحد ..؟!
فالقصيدة في نظري عادية ... وليست كما يشاع عنها ... ولا تمتلك المقومات اللفظية أو البديعية الجمالية التي كنا نتوقعها.
وأعتقد أن كثير من القصائد الشعبية التي نسمعها هنا وهناك أكثر منها جودة وروعة وصورا جمالية وبديعية.
فهل سبب شهرتها وجود أسم المطرب محمد عبده ... أم قيام أحد رموز الدينية بالتواصل مع المحيط الفني ...!
نعم محمد عبده صوت جميل ولحن مميز يستطيع تهذيب أي كلمات وتوصيلها بالشكل المحبب لنفوس جميع محبيه.
وقد ثبت وببساطة أن هذا المطرب .... لو تغنى بخبر مكتوب في أحدى الصحف .... فسيكون أداءه جميلا ... ومميزا بصوته العذب ... مهما كانت الألفاظ تحتاج إلى تعديل أو تهذيب أو تصليح.
فالقصيدة يا شيخنا باللهجة الشعبية ... وهنا ستواجهنا مشكلة في أن كلمة (لا إله إلا الله) كلمة عالمية ... يحتاج لمعرفتها ومعرفة ما يراد بها ، وترديدها جميع البشر الناطقين بها ... وباللغة العربية ... لغة القرآن الكريم ... ولا يمكن أن نطلب منهم (ولا نتوقع منهم) فهم وتفسير أو حفظ ما سردته في قصيدتك باللهجة المحلية ... لأن ذلك يعتبر تهجما على اللغة الأم وفي عقر درأها...!
ثم إن أغلب المعاني الموجودة فيها مكررة ... ومعروفة لمن يحفظ الأدعية الشرعية ... ولا أعتقد أن بها معاني جديدة تبهر .. أو صور تستحق التوقف والتبصر والتفكير ...!
أضف إلى ذلك قيامك بوضع بعض الزيادات التي لا أظن أنها تتوازن مع الموجود الفعلي والعقلي للنصوص الدينية ...
فمثلا تقول:
وقوم نوح كالضفادع بطوفان عُباب
وصار قوم شعيب مثل الجيف بأشعابها
والضفادع يا شيخنا لا تموت في الفيضانات ولا تغرق كما غرق قوم نوح ... ولا تعتبر ذلك عذابا لها ... بل إن الضفادع تسر وتنمو وتنعم بوجود الفيضانات والطمي ....! وهنا أعتقد أن الزيادة أو التشبيه لم يكن منطقيا ولا في محله.
وتقول:
شوف ثمود البغي ماتوا بناقة في شراب
وغار ثور بالحمامة يرد أعرابها
فما هو وجه الشبه أو العلاقة بين ناقة سيدنا صالح عليه السلام و الحمامة في غار ثور ..؟ حقيقة لم أفهم.
وتقول:
كلما تبصر من البشوات أهل القباب
مثل دود القز سم الفنى بثيابها
ومن المعروف يا شيخنا أن دود القز ... لا يحمل سما ... بل يحمل في مفرزاته نعمة من نعم الله على البشرية ... وأيه من أياته سبحانه وتعالى ... وهو من ينتج لنا الحرير ...! فكيف تفوتك معلومة كهذه؟.
ثم تقول:
من غباهم علّم الدفن قابيل الغراب
وانتزل هدهد لبلقيس في محرابها
هل تعتقد أن ذلك غباء ... يا سيدي كانت هذه أول مرة تحدث جريمة على وجه الأرض ... وحكمة الله أن يتعلم الإنسان مما حوله ... وليس غباء كما أوردت.
ثم تقول:
الله كم فرعون حطه على رأس الحراب
الله كم جبار دق الوتد بأطنابها
والمعنى هنا يا شيخنا غير مفهوم فماهي التي دق الوتد بأطنابها ؟... أما إذا كان ذلك بداعي القافية فهذا أمر لا يكون مع (لا إلا إلا الله).
وتقول:
دمر الأملاك وكنوزها صارت مَهَاب
زلزل الباغين حط الفنى قصابها
وهنا صورة غير مكتملة وتشبيه غير منطقي ... فالقصاب لنحر النعاج بينما الزلزال لأغراض وصور أخرى ...!
وتقول:
الخليقة في موازين تقديرها ذباب
والله ما تنقص من الملك وزن ذبابها
وهنا يا شيخنا نجد تناقض عجيب ... فمرة الخليقة تسوى ذباب في صدر البيت ... ومرة لا تسوى في عجز البيت ....!
وتقول:
أتوسل بالشهادة وهي رأس الزهاب
وأعترف بذنوب عبد وأنا قصابها
وهنا يظهر لنا القصاب مرة أخرى .... في صورة غير جمالية.
وتقول :
من أنا حتى أمدحه من تراب في تراب
جوده الواسع رفعني على مرقابها
والمعاني هنا عادية جدا ولا نجد فيها الجديد والصور متكررة.
وتقول:
مالنا غيرك ملاذ ولا دونك حجاب
يرتجيك الخلق عنوانها وأحبابها
وفي الشطر الثاني أجد المعنى ركيك أو غير واضح.
وتقول:
و لا إله إلا الله أول كلام أصدق متاب
الحِكَم في سرها والهدى بأهدابها
وهنا أجد أن الأهداب لم يسبقها ما يدل عليها ... فجاءت فقط من أجل القافية ... بينما لا يوجد ترابط معنوي بينها وبين معاني البيت.
هذا لا يمنع من أن القصيدة فيها بعض الأبيات الجميلة والتي ... أوافق المطرب محمد عبدة على إختصار القصيدة إلى عشرة أبيات فقط إذا نوى أن ينشدها ....
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ...
وأرجو يا شيخنا الكريم أن تقبل نقدي وتتقبله بروح الأديب ... الشاعر ... وأن يكون كلامي خفيف على مسامعك.
لا عدمناك.
الخميس يوليو 09, 2009 4:38 am
